البحث

البحث

التغريدات

المتواجدون الان

انت الزائر رقم : 152925
يتصفح الموقع حاليا : 14

احصائيات الزوار

1
زوار اليوم الحالي
1
زيارات اليوم الحالي

عرض المادة

( زكاتك لا تعطها للجماعات السياسية وجمعياتها)

( زكاتك لا تعطها للجماعات السياسية وجمعياتها)

للشيخ محمد العنجري - حفظه الله

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الزكاة حق الله في المال وركن من أركان الإسلام الخمسة، ومن دعائمه العظيمة، ومن فوائد الزكاة أنها تطهير للنفوس والأبدان من أدناس الآثام والمخالفات، فالمسلم الذي استولت محبة الله تعالى وتقواه على قلبه ستحمله تلك المحبة على الانقياد والإذعان لاقتطاع جزء من ماله خضوعا لأمره تعالى وانقيادا لطاعتهِ

والزكاة لها مصارف محددة حصرها الله تعالى في قوله : " إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم " (التوبة - الآية 60 )ِ

ولا يجوز أن تعطى الزكاة إلى غير هذه الأصناف الثمانية المذكورة في كلام الله تعالى، وقد قال سعيد بن جبير رحمه الله : "ضعها حيث أمرك الله" ، فإن دفعت الزكاة لغير مستحقيها، أي المصارف الثمانية المعتبرة، لم تبرأ ذمة المكلف، أي لم تصح زكاته

ويجب على الغني ألا يعتقد أن زكاته غرم ونقص، بل هي غنيمة ونماء لماله، قال الحق تعالى "و لئن شكرتم لأزيدنكم" فالزيادة مقرونة بالشكر والشكر لا يكون بمجرد اللسان، بل يكون كذلك في الالتزام بالعمل بما أمر الله تعالى، قال تعالى لآل داود : " اعملوا آل داود شكرا " فالعمل بأوامر الله تعالى وأحكامه شكر له،  و أولى الناس بالزكاة هم الأقارب المستحقون لها ممن لا تجب النفقة لهم، فالزكاة لهم تزيد من الأجر كما جاء ذلك في الآثار وهي وصل بين الأرحام

و أورد على قارئي العزيز رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم تظهر لنا أهمية التفات المسلم إلى الأقارب ممن لا تجب النفقة عليهم، (فعن عطاء بن ياسر أن زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت لها جارية سوداء فقالت يا رسول الله أريد أن أعتق هذه الجارية، فقال رسول صلى الله عليه وسلم : " ألا تفدين بها بنت أخيك من رعية الغنم؟ "  فقدم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إعطاء بنت الأخ ما يعينها على قضاء حاجتها على عتق المملوكة

ومما يجب التنبه إليه أيضا أن من مقاصد الزكاة الشرعية إخراج الفقير أو المسكين من دائرة العوز والفقر إلى دائرة الغنى، وقد روي عن عمر رضي الله عنه و أرضاه أنه قال : " إذا أعطيتم فأغنوا" ؛ فالغنى يخرج المسلم إلى حياة كريمة تساعده على عبادة الله عز و جل و على الإنتاج والعمل، فالتوسع في العطاء يعني أن يجزل المزكي العطاء، كما روي عن عمر رضي الله عنه و أرضاه أيضا أنه قال : " أعطوهم ولو كان نصيب أحدهم مائة بعير " ، وهذا ما ذهب اليه الإمام الحافظ أبو عبيد : ' أن لا مانع بأن يعطى الفقير من الزكاة مائة من الإبل يروح بها عليه ' ، أما إعطاء المبالغ القليلة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، فلن يحقق الغاية من إخراج الفقير المسلم من دائرة الحاجة والعوز

فإذا كان للغني ابن عم أو ابن خال أو أحد من أقاربه وهو فقير أو مسكين لا يملك بيتا في بلد البيوت فيه غالية، كالكويت مثلا، فأعطاه من مال الزكاة ما يشتري به بيتا يحقق الحاجة الشرعية من السكنى دون مباهاة أو مبالغة ولو دفع خمسين ألف دينار، فلا بأس بذلك، بل إنه يكون قد حقق مصلحتين الأولى أنه دفع زكاته في محلها والثانية أنه حقق الوصل لأرحامه

 

ومما يجب التنبه إليه أن الجماعات السياسية الاسلامية في العالم الإسلامي ومراكزها وجمعياتها الخيرية قد امتهنت جمع الزكاة، بل أصبح هذا الأمر من أولوياتها المعظمة ومواردها المالية، كما نرى ذلك واضحا في إعلاناتهم المدفوعة الثمن والمنشورة في وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمقروءة، وتخمة حساباتهم في البنوك تشهد بذلك، وكثير من مشايخهم وقياداتهم يجوزون تسخير زكوات المسلمين لخدمة أفكارهم و أحزابهم وتنظيماتهم التي ما أسست بزعمهم إلا لإعادة الخلافةِ وهذا ما صرح به أحد مشايخهم في الكويت وهو عمر الأشقر في محاضرة له في بيت الزكاة الكويتي بعنوان : (مصرف في سبيل الله) حيث قال : ' أن طبع الكتب الإسلامية وبناء المراكز الإسلامية ونشر الصحف والمجلات ونحو ذلك قد يكون تمويلها من الزكاة جائزا إذا كان الهدف منها هو نصرة الإسلام وإعلاء كلمته ومواجهة جهود أعداء المسلمين الذين يريدون إضلال المسلمين والصد عن سبيل الله '، علما بأن قول عمر الأشقر هذا محدث وليس له أصل في كتب العلم، وأن المقصود بمصرف (في سبيل الله)  الجهاد، وقال بعضهم الحج،

أما قول عمر الأشقر وما ذهب إليه عجيل النشمي والقرضاوي ومن شاكلهما فهو قول محدث،

وقد قال ابن قدامة : " لا خلاف في أن المراد ب ( في سبيل الله ) الجهاد" ، وهذا يعني أن أصحاب  هذا المنهج إذا أخذوا منك زكاتك، أجازوا صرفها في أبواب شتى كالصحف والمجلات والانتخابات وبناء المراكز الإسلامية ، مبررين ذلك بأنه سبيل لإعادة الخلافة من خلال تقوية جماعاتهم في البرلمانات وغيرها، ولذلك أباحوا دفع الزكاة للحملات الانتخابية كما بينا ذلك في مقالين الأول بتاريخ

10 /6 /2003

تحت عنوان ' النشمي حين يفتي للأحزاب '

والثاني بتاريخ 25 /6 /2003

تحت عنوان 'النشمي يجوز اعطاء الزكاة للانتخابات '

والتي نشرناها في هذه الصفحة فأثارت حفيظة من أثارت

لذا على المزكي ألا يعطي زكاته لهذه الجماعات والأحزاب صاحبة الجمعيات واللجان الخيرية ولا يغتر بهيئاتهم حتى وإن نُسبوا إلى العلم الشرعي، فهم ملوثون بمدارسهم الفكرية السياسية التي لا هم لها إلا الوصول إلى القرار السياسي وتشكيله والمعبر عنه في كتبهم بالخلافة، أما علماء الحق والدين فهم بعيدون كل البعد عن الحزبية ودهاليزها الفكرية السياسية، وهذا ما عرفه الناس منذ القدم فقد قال ابن خلدون في مقدمته : ' أن العلماء من بين البشر أبعد عن السياسة ومذاهبها '

فليتذكر المزكي أن زكاته ركن من أركان إسلامه الخمسة وهي مسؤوليته وحده حيث قال الحق تعالى : "كل نفس بما كسبت رهينة"، فيجب عليه أن يضع زكاته في مصارفها التي حددها الله تعالى، ولا يجب عليه أن يجامل في هذا الأمر أو أن يستحي أو أن يتكاسل في توزيعها فيعطيها إلى جهات في حقيقتها وفي باطنها انها سياسية تنظيمية هرمية تجعل من هذه الزكاة قوة لها لشراء الفقراء والمساكين وتسخيرهم لدعم تنظيمها وأفراده في الانتخابات وغيرها

وكما أذكر إخواني الطيبين العاملين مع هذه الجماعات السياسية وجمعياتها وتنظيماتها وهم في الحقيقة جاهلون لحقيقتها ومخططاتها ويظنون أن هذه الجماعات والأحزاب تمثل ما كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه فسخرتهم هذه الجماعات وانتدبتهم لصالح تنظيماتها وجمعياتها فأقول لهم احذروا احذروا فتاوى علماء الجماعات السياسية وتلامذتهم التي تجيز لهذه الجماعات والأحزاب استغلال أموال زكاة المسلمين في غير محلها، فإنها والله استباحة لأموال الزكاة، فلا تكن يا عبدالله مشاركا لهم في ذلك وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم محذرا : " أن رجالا يتخوضون بمال الله بغير الحق فلهم النار يوم القيامة "

 

ونصيحتي لك ولأمثالك أن تخرجوا من قوالب ومن دوائر هذه الجمعيات وتنظيماتها فتكونوا مسلمين أحرارا تأتمرون بما أمر الله عز وجل به وتنهون عما نهى عنه ولا تنتمون إلا لدينكم وتحت راية ولي امركم الامير جابر الاحمد الصباح خاضعين في ذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" وأن تقرأوا وتستمعوا للعلماء الذين لا ينتمون لهذه الاحزاب أو لهذه الجماعات السياسية،

ومثالكم المعاصر في ذلك العلامة الإمام ناصر الدين الألباني رحمه الله الذي لم يرتض لنفسه أن ينخرط مع أي تنظيم، وحارب التنظيمات والأحزاب السياسية الإسلامية على اختلاف أسمائها ومدارسها، وخدم الإسلام دون تنظيم ودون جمعية ودون لجان، فلو وضعنا أعمال الامام في كفة وعمل الجماعات الإسلامية السياسية في كفة اخرى لرأينا التباين الواضح ووصلنا إلى الحقيقة

وتذكر يا من ينتسب إلى هذه الجماعات السياسية الهرمية، المسؤولية الشرعية لما تقوم به أنت من نصرة وخدمة ودعم لها، وأذكر نفسي وإياك بقول الحق تعالى: "وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها"

 

فائدة

قال العلامة الإمام عبدالعزيز بن باز رحمه الله حول موضوع صرف الزكاة :

' هو كالإجماع من علماء السلف الصالح الأولين أن الزكاة لا تصرف في عمارة المساجد وشراء الكتب ونحو ذلك وإنما تصرف في الأصناف الثمانية أي الذين ورد ذكرهم في الآية في سورة التوبة وهم الفقراء والمساكين والعاملون عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمون وفي سبيل الله وابن السبيل، و (في سبيل الله) تختص بالجهاد، هذا الأمر معروف عند أهل العلم، وليس من ذلك صرفه في تعمير المساجد ولا في تعمير المدارس ولا الطرق ولا نحو ذلك'

 

والله ولي التوفيق.

   

------------------------------

 

مقالة للشيخ محمد العنجري بجريدة القبس

 

بتاريخ 2/10/2005

  • الجمعة AM 01:35
    2015-06-26
  • 5503
Powered by: GateGold